مسرحية عويل الزمن المهزوم



إسماعيل خلف


الشخصيات

الأول ........ شاعر

الثاني ...... مغنٍّ

امرأة .... تظهر كخيال ظل

الحارس ...... شكله بعيد عن الإنسانية

مقدمة(( بقعة ضوء على ساعة ضخمة تتوسط جدار المسرح صوت لعويل القطار
بقعتا ضوء على وجهِ الشخصيتين.......تتحدثان بصوت أقرب إلى الهمس ))
الأول : العمر غفلة
الثاني : بالأمس كنا هنا نتحدث عن أحلامنا
الأول : بعضها تحقق و بعضها الآخر لم يتحقق
الثاني : بإمكاننا أن نصنع أحلاماً جديدة
الأول : إذا كنا نحلم علينا أن نبدل أحذيتنا المهترئة و نبحث عن رصيف آخر يضم
أحلامنا
الثاني : الحياة شيء خانق .. إنها تفرض نفسها بألوانها و أشكالها
الأول : إننا نعيش في عالم مليء بالمخاوف
الثاني : تلك المخاوف جزء من الضريبة التي نتحملها لنعيش
الأول : إن الزمن الذي نتركه وراءنا لا نملكه ، كما لا نملك الزمن الذي سبق ميلادنا
الثاني : العمر غفلة
الأول : بالأمس كنا هنا
الثاني : الطريق طويلة
الأول : طويلة جداً
إطفاء

(( طبيعة الديكور : فوضى عارمة على الخشبة .. صور لعديد من الشخصيات و الأحداث ... هتلر ...شابلن ..... مارلين مونرو ...ستالين ... صور لأشلاء حرب ... ثياب رثة ... ربطات عنق ... مانيكان .... صحف ومجلات ... زبالة /
الشخصيتان تظهران داخل إطار اقرب إلى إطار السيارة بأكثر من أي شيء و رغم هذا بعد مدخل كل مشهد ... يتركان الإطار و يشغلان الخشبة كاملة ))


المشهد الأول
الأول : الطريق طويلة
الثاني : طويلة جداً
الأول : الطريق مملة
الثاني : مملة جداً
الأول : هل سبق لك وسافرت على هذه الطريق
الثاني : أوه ... كثيراً هذه الطريق أكلت من عمر الكثير
الأول : و هل كنت تشعر بالملل كما اشعر الآن ؟
الثاني : لا اعتقد
الأول : إذاً أنت لا تشعر بالملل
الثاني : فهمت كلامي معكوساً أنا لا اعتقد انك تشعر بالملل كما اشعر أنا ... شعوري
هو اقرب إلى القرف
الأول : أمر مؤسف أن يستقبل الإنسان العام الجديد و هو يشعر بالقرف
عام جديد يأتي بفعل ديمومة الحياة و ما لنا إلا أن نستقبله و نحن مبتسمون
حتى وان كان في الصدر شيء آخر
الثاني : عام يضاف إلى أعوام أخرى كما في كل مرة تتراكم السنين و كذلك التجربة
الأول : لا بد من الأمل
الثاني : الأمل يحتاج إلى مساحات مطمئنة كنا نأمل أن نتزوج من نحب و لكن
الظروف أبت ذلك
كنا نأمل أن نأكل ما نشتهي و لكن الظروف أبت ذلك
كنا نأمل أن نلبس ما يعجبنا و لكن الظروف أبت ذلك
الأول : كل الأعمال و الأفعال التي قمنا بها لم تكن بمحض أرادتنا
الثاني : و يقولون يولد الإنسان حرًا ويموت حرًا
الأول : و رغم هذا فكل منا يتمنى أن يعود إلى الوراء ... أن يعود طفلا صغيرا
يجوب ساحات القرية
الثاني : الطفولة ... هذه الكلمات توقظ إحساسي من جذوره تنبش كل دفين داخله
فأشم رائحة الأرض في قريتنا ... و يجزع قلبي و يتفتت عندما أتذكر صورة
أبي مع مجموعة من الفلاحين في ثيابهم الرثة
الأول : هيه ... نحن نتذكر الطفولة لنهرب من الشقاء .. لا لتذكره
الثاني : اسمع أنا منذ طفولتي اعشق البحر ... اعشق السفن ... اعشق المد و الجزر
.... منذ طفولتي يجمعني و البحر الغرق و الأعاصير ... منذ طفولتي كلما
رأيت البحر أخشاه ... كنت اهرب إلى الصحراء أصنع من الرمال سفينة
وأصير القبطان
الأول : عندما كنت صغيراً أتأمل الحقول المفلوحة و البيوت الطينية و روث الأبقار
و الأغنام
كنت أعانق أفراخ البط و الأرانب و استمع للنباح المتواصل لكلبي الهرم
إلى نقيق الضفادع وطنين النحل ... كنت أستنشق رائحة خبز التنور المقمر و
ترنيمات الأمهات الحزينات اللواتي كنا يحضرن لنا السكاكر و يسردن علينا
القصص كي ننام
الثاني : ( يردد ) كي ننام
الأول : ( يردد ) كي ننام

(( يغمضان عيونهما كأنهما يعيدان صورة الطفولة إطفاء ما عدا بقعة ضوء على الساعة وصوت لعويل القطار ))


إطفاء
المشهد الثاني

الأول : الطريق طويلة
الثاني : طويلة جدًا
الأول : ألا يوجد طريق أفضل من هذا الطريق
الثاني : بالعكس ... ثمة طرق كثيرة
الأول : و كل هذه الطرق تأخذ نفس المسافة
الثاني : لا ثمة طريق مختصرة
الأول : إذاً لماذا لا تسلكها ؟ هل هي وعرة
الثاني : لا ... بالعكس تماما
الأول : إذاً هي جرداء ؟؟
الثاني : أيضاً لا ... هي طرق تحيط بها الأشجار من كل الاتجاهات و الكثيرون
يقصدونها للتنزه وتأمل الطبيعة
الأول : آه .. الآن فهمت
الثاني : ما الذي فهمته ؟
الأول : هي طريق خاصة ؟
الثاني : لم افهم ماذا تعني بخاصة هذه
الأول : اعني أنها لأشخاص محددين
الثاني :أيضاً لم افهم
الأول : اقصد إنها لعلية القوم ... حيث يمنع على الأشخاص العاديين أمثالنا أن
يسلكوها
الثاني : لا لا أنت متشائم جداً
الأول : كيف
الثاني : لم تصل الأمور إلى هذه الدرجة من السوء
الأول : أيضاً لم افهم
الثاني : اقصد لم نصل إلى المرحلة التي يتم تميز الناس فيها بالطرق
الأول : يبدو لي انك متفائل جداً
الثاني : ( يقهقه ) أنا ...؟ أنا متفائل ؟
الأول : طبعا متفائل ... و متفائل جداً أيضاً ..... أو ..
الثاني : أو ماذا ؟
الأول : أو انك تضع نظارة سوداء على عينيك كي لا ترى الحقيقة
الثاني : كيف ؟
الأول : هل بقي شي لم يتم فيه التمييز 000 انظر على مستوى السفر000هناك باصات
مكيفة وسريعة خاصة برجال الأعمال وأصحاب رؤوس الأموال وهناك
باصات لذوي الدخل المحدود .. على مستوى القطارات 00هناك ممتاز وهناك
منامة وهناك عادي والعادي هذا يعني شيئاً لا لون له ولا رائحة وهو خاص
بنا 000على مستوى السينمات هناك ممتاز
وهناك عادي000على مستوى الــــ 000
الثاني : ( مقاطعا) ما تتحدث به اعرفه تماماً000واراه كل يوم ولست واضعاً نظارة
سوداء على عيني على العكس عيني أقرب إلى المنظار الذي يرى الأشياء
الصغيرة التي لا ترى إلا بالمجهر ولكن 000000
الأول : ولكن لماذا ؟
الثاني : لكن ما أعنيه أننا أحياناً نضع نظارة سوداء كي لا نرى الأشياء السعيدة في
حياتنا
الأول : (يضحك مقهقهاً)
الثاني : ما الذي يضحكك ؟
الأول : أضحكتني كلمة الأشياء السعيدة
الثاني : وما المضحك في هذه الكلمة
الأول : المضحك كلمة أشياء فهي تدل على كم هائل 000وهذا بحد ذاته أمر
مضحك والكلمة الثانية
الثاني : أية كلمة ؟
الأول : السعيدة
الثاني : ما بها ؟
الأول : تشعرني بالحساسية كحساسية بعض الأشخاص من البيض بمجرد أن اسمع
هذه الكلمة تنتابني موجة من الضحك
الثاني : لماذا0000؟؟
الأول : لأنني قلما اسمعها فالأيام التي اضحك فيها يمكن عدها على أصابع اليد
الواحدة
أنا لا اعرف من مشتقات السعادة إلا سعدان
الثاني : ( يضحك ) سعدان ..... يعني قرد ؟
الأول : نعم قرد
الثاني : ( يضحك ) أتعرف ؟؟ أكثر الحيوانات أضحاكا ً لي هو القرد
الأول : أما أنا فعلى العكس القرد يحزنني دائماً عندما أراه
الثاني : يحزنك 0؟؟0000 لماذا ؟؟
الأول : لأنه يشبهني
الثاني : (يضحك ) تقصد انك تشبهه
الأول : لا 00000 لا هو يشبهني
الثاني : هو ؟؟00كيف ؟؟
الأول : يتمزق كثيراً كي يضحك الآخرين وهكذا أنا افعل 0أتعرف أن شابلن
المهرج الذي أضحكنا لم يكن إلا أنساناً معذباً0000كان يبيع أزهار النرجس
في الحانات ويستدر عطف الرواد بثياب الحداد التي كان يرتديها عقب وفاة
أبيه
الثاني : ثمة مهرج اندفع من وراء الكواليس ليخبر الجمهور بان النار قد التهمت
الكواليس ولكن الجمهور صفق له ظاناً أنه يهرج ولما كرر المهرج تحذيره
تعالى الهرج والمرج وازداد التصفيق حتى التهمت النار المهرج 00ساعتها
توقف الجمهور عن التصفيق
الأول : ذلك المهرج الذي طالما اضحك الناس عندما نظر إلى نفسه في المرآة بكى
الثاني : قصيدة جميلة
الأول : كتبتها منذ أكثر من خمسة عشر عاما
الثاني : هل تكتب الشعر؟
الأول : كنت
الثاني : ولماذا توقفت ؟
الأول : لأنني اكتشفت انه يزيد صاحبه حزناً ووحشة 0000الوحشة أحساس مروع
00لقد ظل هذا الإحساس المروع بالوحدة يطاردني 000كنت قد وصلت
إلى ذروة اليأس...في يوم من الأيام سرقت أرنباً وأدخلته إلى غرفتي وعندما
كنت اجلس وحيداً.. كنت أطلق الأرنب ليقفز في كل مكان ويقوم بتسليتي
كانت حياتي من الهشاشة بحيث يصعب وصفها.. لطالما انتابني إحساس أنني
مهرج في سيرك .. العالم بالنسبة إلي كان دائما سيرك .. وأنا صغير عندما كنت
اخذ علامات سيئة في الرياضيات كانت المعلمة تضع قرونا على راسي وتأخذني
من شعبة لأخرى لأصبح مهزأة للتلاميذ 0000وقتها كانت المدرسة لي بمثابة
السيرك 000 تركت المدرسة لإحساسي بأنني مهرج وتدرجت في سلم التهريج،
عند صاحب المعمل كنت اشعر أنني مهرج لأنني مجرد برغي في آلة الدولة الجبارة
في الجيش كنت اشعر بأنني مهرج مع مجموعة من المهرجين ونحن نقلد مشية
البطة أمام المساعد 0000 حتى أبي 000 أبي كنت أشعر أنه مهرج كبير عندما
كان يقلد لنا كل أنواع الحيوانات كي ينسينا جوع بطوننا نحن المتفرجين أولاده
الثاني : في النهاية كلنا مهرجون وما الحياة إلا سيرك كبير
الأول : الطريق طويلة
الثاني : طويلة جداً

" إطفاء تدريجي عدا بقعة الضوء على الساعة مع صوت عويل القطار "
المشهد الثالث

الأول : ما أبطأ الإنسان في التعلم من خطاه !
الثاني : الإنسان كأخيه الحيوان 000كفأر مثلاً أو خنفساء
الأول : (بقرف ) خنفساء ؟
الثاني : إن لم تعجبك الخنفساء فلك أن تشبه نفسك بالطاووس 0المهم أننا كلنا
وإخواننا وأبناء عمومتنا لا سبيل لنا إلى التعلم إلا بالتجربة أو الخطأ
الأول : وما الفائدة 00؟ ما أن نبدأ بالتعقل حتى يأتينا الموت فلا يدع لنا فرصة
للاستفادة
آخ لو يعيش الإنسان قرنين أو ثلاثة قرون ،لوفر على الأجيال التي تأتي بعده
الكثير من المحاولات البلهاء
الثاني : ليس بالضرورة يخيل إلي انه لا مفر من المحاولات لأن أهم ما في الحياة
لا نتعلمه إلا بالمعاناة الفردية
الأول : الوحش الكامن في أعماق الإنسان مستعد لأن يتحرك في أية لحظة لينهش
لحم أخيه عندما يجد الفرصة
الثاني : الإنسان مهما توارى خلف المدنية لن يستطع أن يتخلص من توحشه الأول

((يركضان 000خلف ستارة 000موسيقا بدائية 000 يتم تنفيذ المشهد كخيال ظل
الأول يحمل حجراً ويرميه على رأس الثاني ))

صوت الثاني ( هابيل ) : قابيل دائما تختار الإنسان الطيب 000أنت لست أخا ً يا
قابيل.......حتى الغراب الكبير يحمي أخاه الغراب الصغير
صوت الأول (قابيل ) : هابيل تدعي البراءة لكي تخفي عجزك 000الضمير ليس
له موضع في الوجود إطلاقاً

صوت الثاني (هابيل ) : الحياة ليس لها معنى إذا جردناها من الضمير سوف تطل
أشباح الأموات عليك حتى آخر حياتك لأنك امتهنت
الغدر
صوت الأول (قابيل ) : الغدر ياعزيزي جزء من الوجود
صوت الثاني ( هابيل ) : أنت حوت 0000حوت كبير
صوت الأول (قابيل ) : الحيتان والبشر شعب واحد

((يخرجان من خلف الستارة ))
الأول : الطريق طويلة
الثاني : طويلة جداً
الأول : صحيح أن الإنسان قد يتحول إلى حوت 000او وحش ولكنه يحفر قبره
... سينفتح هذا الوحش حتى ينفجر هكذا 000(يمثل الانفجار )
الثاني : الحضارة تنهض على أساس الموت
الأول : البشر يموتون كالبعوض ..... لم أكن في يوم من الأيام راغباً في أن أكون
مقاتلاً ...
كان طموحي أن أصبح شاعراً لكن رحى المعارك والدماء التي كانت تراق
لم تسمح لي بذلك
الثاني : الدمار خاتمة لكل الحروب ... عند مدخل الباب عندما سرت إلى الجبهة
سألت والدتي ماذا ستفعلين قالت والدموع في عينيها ... كل ما أعرف فعله
هو انتظارك
الأول : البشر يموتون كالبعوض
الثاني : لن أرى بعد اليوم رفاقي ... إني أستميحهم عذراً لبقائي بعدهم على قيد الحياة
الأول : الأشجار لم تكن تواقة لان تنتهي حياتها بأن تصبح أعقاباً للبنادق ولكنها
الحرب
الثاني : في الحرب الأقوى هو الذي ينتصر
الأول : نحن الأضعف ولكننا أصحاب حق
الثاني : هذه مفارقة مؤلمة

(( تظهر فتاة خلف الستارة كخيال ظل ... يتجه الأول نحوها بينما الثاني يدندن بلحن حزين ))

الأول : لاشيء يختلف عن السنة الماضية
الرصيف هو الرصيف
الشارع هو الشارع
الناس هم الناس
لاشيء يختلف عن السنة الماضية
سوى تلك النافذة
التي كانت تجلس إليها الفتاة ترتدي فستاناً ابيض
تنتظر حبيبها في الساعة التاسعة ليلاً
كي يرمي إليها بزهرة قرنفل ويمضي
عن السنة الماضية
لا يختلف شيء
فالفتاة مازالت تنتظر
و الساعة الآن هي التاسعة
و الشاب ذاته قادم
لا يختلف شيء
عن السنة الماضية
سوى أن الشاب يرتدي بدلة عسكرية
ويحمل بيده بندقية ... ناسياً زهرة القرنفل

الثاني : (( ينهض ويبدأ يخطب كجنرال ... بينما الأول يقف أمامه باستعداد كجندي خائف ... ))
إننا نلتزم موقف الدفاع ... لكننا سننتقل إلى الهجوم ... إن إستراتيجيتنا تقوم على أطالة أمد الحرب ... ولكن تكتيكنا يقوم على توجيه هجمات صاعقة لنحصل على نتيجة سريعة في كل اشتباك ... وبعبارة أخرى إننا نشن حرباً دفاعية ممتدة في داخل الخطوط وعمليات هجومية سريعة في خارج الخطوط

الأول : ( ينهض ويبدأ يخطب كجنرال ... بينما الثاني يقف أمامه باستعداد كجندي خائف ... ))

الاشتباك في الحرب هو السعي إلى إبادة قوات العدو مع الاحتفاظ بقواتنا يجب أن نطبق تكتيكاً مزدوجاً للإنهاك ولما كان العدو لا يزال متفوقاً علينا فأننا ننهكه بإطالتنا أمد الحرب وبهذه الطريق فقط سننتقل يوماً إلى الهجوم المعاكس لنسحق الخصم وننزع منه النصر النهائي ...

(( الاثنان يخطبان سوية حتى ينهارا ))

الأول : (يتنفس بصعوبة ) الطريق طويلة
الثاني : (يتنفس بصعوبة ) طويلة جداً

(( إطفاء مع إنارة بسيطة على الساعة وعويل القطار يزداد ))


المشهد الرابع
الأول : الطريق طويلة
الثاني : طويلة جداً
الأول : قبل قليل كنت تغني
الثاني : صحيح رغم أني قلماً أفعلها
الأول : لماذا ؟
الثاني : لآن الغناء يزيدني حزناً... لا أعرف سوى غناء المواويل الحزينة ولهذا
هجرت الغناء منذ زمن
الأول : لماذا لا تغني أغاني مفرحة ؟
الثاني : لم يعلمني والداي سوى الأغاني الحزينة
الأول : إذاً والداك كانا يهويان الغناء ؟
الثاني : أمي ... أمي كانت تغني مواويل حزينة بينما أبي كان يلف سيجارته ثم
يسحب نفساً عميقاً
ويتنهد ...... كانت أمي امرأة عجوزاً فقيرة مسكينة ... مثقلة بالتجارب
والسنين ...علمتني الصبر رغم أنها لم تعرف سوى المرض والحرمان
الأول : أمي كانت مهذبة فيها حشمة وحياء شديد
شديدة الغيرة على عرضها وشرفها
كنت أصيح بوجهها لماذا نحن فقراء ؟
وكانت تقول الله وحده يعلم لماذا نحن فقراء
الثاني : أليس لديك رغبة في تقبيل أمك إن خدها ليبدو شيئاً خيالياً
الأول : أمي تتأكد أننا تناولنا الطعام وبعدها تأكل تتأكد أننا اغتسلنا وبعدها تغتسل
تتأكد أننا نيام وبعدها تنام أمي كانت تتأكد أننا أحياء ... وبعدها تموت
الثاني : أمي قالت لي مرة أنها ستغادر الدنيا مجروحة القلب ما دامت ستموت دون
أن ترى لي
بيتاً ....
وزوجة وأطفالاً ...
غفرانك يا أمي ... عذبتك معي
لم استطيع أن أكون الابن الذي تريدينه
لم اعرف غير التشرد
لم أصلح لأي عمل
سأموت وحيداً
أموت قبل أن أحقق حلمك بأن أتزوج ... وأنجب طفلاً وطفلة يعوضانك عن
كل ما حرمت منه
الأول : أمي ورغيف الخبز عقدا اتفاقية أستمد الخبز رائحته من أمي واستمدت منه
أمي الصبر
عندما كنت صغيراً كنت أتأخر دائماً عن المدرسة بسبب عشقي الزائد للنوم
وقتها اشترت
لي أمي ... ساعة منبه
هذه الساعة كانت تشكل مصدر إزعاج لي
لكنها في النهاية أصبحت جزءاً لا يتجزأ من حياتي
حتى عندما سافرت إلى العاصمة للعمل .... أخذت معي الساعة لأنها تذكرني
بأمي
الثاني ( يصرخ وهو يبكي ) : أين أنت يا أمي ؟؟
إنني أزحف ببطء خارج العش .. إنني أرفرف بجناحي الصغير
الأول : ذهبت إلى خدمة العلم و لم تفارقني الساعة أبداً ، فجأة بدأت الساعة تخطئ
في التوقيت ، ذهبت إلى المقدم قائد كتيبتنا و طلبت منه إجازة ساعية ،
سألني ماذا ستفعل في الإجازة الساعية ؟ قلت : سأصلح هذه الساعة نظر
إليها ثم رماها بقرف وقال ... (( خلاص ...خلص عمرها )) وقتها طلبت منه
إجازة وفاة ... سألني مستغرباً وفاة من ؟! قلت وفاة
أمي و فعلا ً عندما وصلت إلى المنزل كان المعزون يملؤون المكان
سألني والدي .. كيف عرفت
قلت و الدموع في عيني ... الساعة ... خلص عمرها
في دقائق استقرت أمي في مقرها الأخير
في المنزل اجتمعنا نحن اليتامى و الصمت يغلفنا من خلال النظرات و
العيون ...
استطعت أن ألمح نظرة مشتركة ، نظرة خائفة قلقة من شيء واحد هو الغد
الثاني : أنا .... أمي .... الناس .... الازدحام ... المرض .... موكب الموت
..... أعرف هذه الصور جيداً
اختلطت كل هذه الصور بعضها مع بعض رغم ما بينها من تنافر اختلطت
لتتكامل ولتكون الصورة الأم صورة الصراخ يملأ البيت و أمي تلطم خديها
و الناس يتجمعون
ليروا و ليستفسروا عما حدث
أعين باكية و نظرات رثاء و شفقة
و البقية في حياتك
الأول : في من ؟!
الثاني : في أبي ... أبي المسجى على السرير و حوله النسوة يبكينه .. و تتتابع
الصور جنازة تمضي وأنا معها ... و تقترب الرحلة من نهايتها
الأول : إلى أين ؟؟
الثاني : إلى نهاية أبي ... إلى القبر ... والتراب ... و الدود
الدود الذي سينهش جسد والدي سينهش الدود كل أبي حتى كلماته التي كان
يوجهها إلي
الأول : هل كان يشبهك ؟
الثاني : من ؟
الأول : والدك ؟
الثاني : لا .. كان اسمر اللون قوي البنية ، فيه صفات الفلاح متين كمتانة البنيان
جبهته عريضة و شفتاه خشنتان و وجنتاه عريضتان كان رجلاً يعشق الحياة
بالرغم من كل المصائب التي صادفته ووري التراب ليرتاح من عناء
السنين
الأول : أبي أيضاً كان صلباً بشكل لا يصدق كان جسده عندما يمشي ينتر بقوة و كأنه
جنرال لم يمت إلا بعد أن تجاوز الخامسة و التسعين لقد اقبل على الحياة
يعبها دون أن يستسلم لليأس كان يتمدد على الأرض
ويقول :
إن أرضنا المتواضعة تتعرف على أبنائها و على الذين خلقوا من أجلها .. مازلت أتذكر صورته فوق الأرض الصلبة ترى ماذا جنوا من حياتهم حتى يموتوا ؟

الثاني : لقد اكتشفت أن الكفن طويل جداً
الأول : كيف اكتشفت ذلك ؟
الثاني : ها (( هارباً من السؤال )) الطريق
الأول : طويلة جدًا

(( إظلام عدا بقعة ضوء على الساعة مع صوت لعويل القطار ))


/المشهد الخامس/

الأول : الطريق طويلة
الثاني : طويلة جداً
الأول : الطريق مملة
الثاني : مملة جداً
الأول : ذهب النهار وجاء الليل
الثاني : صحيح
الأول : منذ زمن 000كلما جاء الليل 000كنت أرسم امرأة
أحدثها عن مغامرات مع نساء أخريات
أسمعها شيئاً من القصائد
أقص لها النكات الفاضحة جداً
و أداعب زغب ساقيها
الثاني : أما أنا فكنت أطلب منها أن تقف ممسكة بحبل يتدلى من سقف الغرفة بينما
أسفلها كرسي 0000بحيث تكون دائما ً إحدى القدمين معلقة في الهواء عندما
كنت أبدأ في ملامسة نصفها الأسفل و تشعر هي بالإثارة تتصاعد تدريجياً في
ساقيها يكون عليها الأختيار أن تظل معلقة في الهواء تماماًً وممسكة بالحبل أو
تبدل قدميها فوق الكرسي كل يوم أتخيلها عارية تسير أمامي أمد ذراعي إلى
حافة الفراش واستند إليه أشم رائحتها 0000اتذكر كلماتها البذيئة التي كانت
ترددها
الأول : كانت تأخذ وجهي بين كفيها
تقبل شفتي الباردتين 000تحملق في وجهي
كنت أضع أناملي بين شفتيها
بين فرجة نهديها
كنت أمر بيدي مع الخط النازل من الصدر إلى فجوتي الخصر
كان صوتي يحتبس ......لساني ينعقد ..جلدي تسري فيه نار .. عرقي يتصبب
والرعشة والقشعريرة تتملكاني أعصابي كانت ترقد بجواري عارية
ولكنني كنت أفشل.. أنا رجل مهزوم 000هزيمة في الروح والجسد
لقد فقدت بكارتي النفسية بدأت أضربها 000خنقتها 00أقصد حاولت خنقها
لكن حتى هذه عجزت عنها كان هذا العالم حولي في هذا الوقت شرساً
العالم كله بدا نوعاً من الانغلاق كنت أشعر بأنني مطرود خارج كل شيء
الثاني : ثمة سؤال يلح علي دائما ً
الأول : ما هو ؟؟؟
الثاني : لماذا عندما يموت إنسان ما 0000 ويبدأ الشيخ بقراءة التلقينة يذكر اسم
والدة الميت وليس اسم والده
الأول : كنوع من المصداقية
الثاني : لم افهم
الأول : ربما كان الميت من أب أخر
الثاني : هل تشك انك ابن أبيك ؟
الأول : هل بدأت تخرف ؟ ما هذا الكلام ؟
الثاني : و أنا أيضاً لا اشك 000فلماذا نظرية الشك هذه تحيط بنا حتى في الممات
الأول : (خيال ظل لما يرويه )
جاء في الأسطورة أن سيفا لوس أحب بروكريس وتزوجها وعاشا سعيدين 0
ومرة أراد أن يختبر إخلاصها فتنكر بزي سائح غني وحاول إغواءها بالمال
فخضعت ،،،وهنا كشف عن شخصيته فخجلت وهامت على وجهها حتى
وصلت إلى جزيرة كريت وهناك أهدتها ارتيميس كلباً وحربة وعلمتها الصيد
وعادت بروكريس بالهدية إلى موطنها متنكرة في زي فتاة جميلة حاولت إغواء
سيفالوس بجمالها وهداياها فخضع للإغواء أيضاً0000وكشفت له عن شخصيتها
وأخيراً تصالحا وعادا سعيدين ولكن الشك ثار في نفسيها إذ توهمت أن زوجها
الصياد كان يواصل (أيوس ) آلهة الفجر في رحلاته فتتبعه خفية لتراقبه

وكان أن حركت سهواً غصن الشجرة 000فظن سيفالوس أن صيداً يكمن خلفه
فأطلق حربته وقتلها وظل شبح زوجته يلاحقه من مكان لآخر حتى ألقى بنفسه
في البحر منتحراً
الثاني : حكايتك تؤكد نظرية الشك
الطفل يشك بوالديه والوالدان يشكان بالابن
الأب يشك بالأم والزوجة بالزوج
والأخ بأخيه والأخت بأخيها والجار بجاره
ومدير العمل بموظفيه والسائق بالمعاون
والضابط بالعسكر والعسكر بالبندقية
والبندقية باليد التي تمسك الزناد
والزناد بالرصاص 000والرصاص بالعدو
العدو (يقهقه ) أتعرف ربما الشخص الوحيد
الذي لا نشك فيه العدو 00أتعرف لماذا
الأول : لماذا 000؟؟؟؟
الثاني : لأن أوراقه مكشوفة 0000هوعدو
أما المقربون فدائما ً يظهرون شيئا ويخفون شيئاً آخر
الأول : أسألك سؤالا ً
الثاني : تفضل
الأول : وتجيب بصراحة ؟
الثاني : أكيد
الأول : هل قابلت يوماً امرأة ؟ هل عاشرت يوماً امرأة ؟
الثاني : لا
الأول : إذاً كل ما قلته 0000
الثاني : وهم 000خيال 000وانت ؟
الأول : ماذا ؟
الثاني : هل قابلت يوماً امرأة ؟هل عاشرت يوماً امرأة ؟
الأول : (مقاطعاً) لا000
الثاني : إذاً ؟
الأول : وهم 00000خيال 0000 أحلام (يضحك ) تخيل العجز الذي أنا فيه 0000
حتى عندما كنت أحلم بامرأة أحلم باني عاجز أمامها
الثاني : الطريق طويلة
الأول : طويلة جداً


((إطفاء عدا بقعة ضوء على الساعة
مع مزيد من عويل القطار المتزايد))


/ المشهد السادس /
الأول : الطريق طويلة
الثاني : طويلة جداً
الأول : قلت قبل قليل ... إننا كنا مهرجون ....
الثاني : صحيح ما الذي ذكرك بهذا ؟
الأول : لا لا أنت مخطئ .... ليس كلنا ... ثمة مهرجون ... وثمة متفرجون
الثاني : نعود إلى العادي والممتاز ؟
الأول : طبعاً .... الحياة هكذا .... الحياة درجات ... حتى في الأخرة ثمة درجات
الثاني : استغفر الله
الأول : لماذا تستغفر ربك .... أنا لم أكفر ... !!
الثاني : أرجوك دع هذا الحديث جانباً
الأول : يبدو أنك تخشى الموت ؟ ( لا يرد )
أتعرف ما هو أجمل شيء في الموت ؟
الثاني : وهل هناك شيء جميل في الموت ؟
الأول : طبعاً
الثاني : ما هو ؟
الأول : الجميع سيذوقون مرارته ... الكل سيموت دون استثناء وفي هذا لا يوجد
عادي وممتاز
الثاني : لكن طبيعة الكفن تختلف من شخص لآخر ... وجودة القبر أيضاً تختلف
الأول : ها ...أنت تؤكد نظريتي إذاً .... ولو أني أختلف معك في هذا
الثاني : كيف ؟
الأول : الميت لا يشعر بهذا التميز
الثاني : يقولون إن الميت يشعر ... فهو يسير مع السائرين في جنازته ويجلس معهم
إلى جوار القبر .... ولكن عندما يبدأ الشيخ بقراءة التلقينة يفاجأ بذكر اسمه
واسم والدته ساعتها يرتطم رأسه بجدار القبر ويحاول الخروج دون جدوى

الأول : إذاً الموت ليس مجرد حجارة ... إنه نبض وأحاسيس
الثاني : برأيك هل سنموت ؟
الأول : ماذا جنينا في حياتنا حتى نموت ؟
العمر قصير ... لا متسع من الزمن
مسكين هو العمر .... مساكين نحن
مسكين من لا يستطيع أن يقوم بثورة صغيرة ويبدأ من الصفر
الثاني : هكذا هي الحياة .... ديكتاتور
الأول : لقد حل الخريف .... وبدأت الأشجار تتساقط أوراقها يجب أن نجد لنا مخرجاً
من نفوسنا الميتة
الثاني : ننام
الأول : ماذا
الثاني : ننام ... الموت هو النوم
الأول : ولكن هناك أنواع عديدة من النوم .... فهناك نوم التعب
ونوم العافية ونوم المريض .... فأي نوم سيكون لنا ....

تتصاعد دقات الساعة
الثاني : إذاً الموت ليس كالنوم
كنا جيشاً من الأطفال
ننام بعد أن أخرسنا الإعياء
كان النوم يرخي بثقله الرصاصي على أجفاننا
ننام لأن صبرنا بانتظار الطعام نفذ
ولأن أبداننا الهزيلة لم تعد تستطيع المقاومة
الحاضر لحظات متآكلة تفر من أيدينا
وتمضي إلى الوراء محملة بالأحداث
الأول : تمضي السنون ونحن لا نحس بماضيها
المستقبل دائماً يداهمنا ونحن نمسك بتلابيب الحاضر وعندما نستيقظ نأسف على
شيخوخة الجسد والوقت الذي مضى ... ونعجب كيف ولت الأيام
الثاني : لقد هبطنا إلى الحضيض
الأول : إننا ننقلب إلى حثالة ... سوف نمضي مثل الأشباح في الأوهام
الثاني : عندما نشعر أن الموت يقترب منك ماذا تفعل ؟؟؟
الأول : أرقص
الثاني : ترقص فرحاً
الأول : لا .... أرقص رقصة الموت

( موسيقا زوربا ..... يرقص الاثنان )

( يجسدان زوربا والرئيس )
الأول : هل تستطيع أن تقول لي أيها الرئيس لماذا نموت ؟ أريد أن تخبرني من أين
نأتي والى أين نذهب
الثاني : اسمع يازوربا .... نحن لسنا إلا ديداناً صغيرة تقف على ورقة شجرة كبيرة
وهذه الورقة
هي الأرض وقسم من البشر وهؤلاء هم الشجعان يصلون إلى نهاية الورقة
ينحنون
بعيون مذهولة ليروا ما تحتها فيرتعشوا عند مشاهدتهم الهوة البعيدة عند
ذلك يبدأ ....
(( يصمت ))
الأول : يبدأ ماذا أيها الرئيس ؟
الثاني : يبدأ الخوف الكبير .... الخطر العظيم ويحاولون إيجاد جواب لتثبيت قلوبهم
فيقولون الرب

الأول : لست أنا من يمد عنقه للموت كأنني نعجة
( يعودان إلى شخصيتهما )
الثاني : هل فعلاً لن تمد عنقك للموت ؟؟
الأول : هذا زوربا ولست أنا
الثاني : وأنت ؟
الأول : في كل الأحوال سنموت .... الإنسان يموت لمجرد أنه قد ولد .... الماضي
يتوقف
والمستقبل يمضي
في النهاية سنجد أنفسنا في المقبرة التي تصفر فيها الريح ، عندما نموت
ينتهي كل شيء
.... ما من ذكرى ولا من شوق سيسال عنا
.
(( الثاني يبدأ يغني بينما الأول يضيء شموعاً ويخرج قنينة مشروب ))

الثاني : ( يغني )
على قبري ما حدا يبكي
يا أبوي خذني على صحرا
ما فيها قبور إلا قبري
الأول : ( ينشد شعرا وهو مترنح )
الدهر لا يعطي الذي نأمل
وفي سبيل اليأس ما نعمل
ونحن في الدنيا على همها
يسوقنا حادي الردى المعجل
وإنما بالموت كل رهين
فاطرب فما أنت من الخالدين
واشرب ولا تحمل أسى فادحاً
وخل حمل الهم للاحقين
الثاني : اسمع .... ما رأيك أن .... نميت .... الموت ...؟
الأول : اسمع هذه الحكاية وقد تكون آخر حكاية أرويها لك
الثاني : آخر حكاية .... لماذا ؟؟
الأول : لأننا سنصل
الثاني : صحيح سنصل
الأول : سمع طلب الموت أن يحضر إليه أمهر طبيب وقال له :

( يجسدان الحكاية )
الثاني : يا دكتور أنا في أزمة 000 أنني مريض جداً 000 أخشى الموت
الأول : أرجو عفوك يا صاحب السيادة أيها الموت الموقر
الثاني : أنا فعلاً أخاف أن أموت
الأول : إن سيادتك تمزح ؟
الثاني : لا أمزح وأنت الطبيب الوحيد الذي أثق به
الأول : يا صاحب السعادة إنني في الواقع لا ادري كيف أشكرك على ثقتك ولكن
الثاني : لا تجادل إنني مريض 000 لعلي بدأت أشيخ 000 إذا لم تشوفني فسوف
أموت
الأول : (محدثاً نفسه ) أي داء غريب لئيم استطاع أن يغزو جسد هذا العجوز الذي
كان يقتل طيلة ملايين السنين و أي حادثة خيالية ومستحيلة التصديق لو أن
الموت حقا مات (يفرك يديه فرحاً ) كن صبوراً يا سيدي يجب ألا نيأس
الثاني : تراني أقوى على الحياة بعد العملية
الأول : إنها لعبة أطفال يا صاحب السعادة (لنفسه ) كل ما أحتاجه لأحرر العالم من
غزواتك هو غلطة بسيطة 000 ولماذا لا أقدم على هذا الخطأ 000 إنني سأكون
مجرماً إذا فشلت في تقديم هذه الخدمة للإنسانية (ينقض عليه ويخنقه ثم يصرخ )
لم يتحرك 000 لقد مات الموت
(يعودان إلى شخصيتهما )
الثاني : (يصفق ) قصة رائعة
الأول : لم تنته القصة هنا
الثاني : هل هناك تتمة ؟؟
الأول : طبعاً 0000
أشعل الطبيب سيجارة ثم ابتسم راضياً وفجأة دخل عليه عملاق جبار وفي
يده فأس ملطخ بالدم ورمى للطبيب بمليون قطعة نقدية وقال له 000
شكراً لجهودك 000 سأله الطبيب ولكن من تكون
قال له 000 أنا ابن الذي قتلته قبل قليل وأنا الذي نصحته باستدعائك 000
لأنني كنت واثقاً انك ستقتله 0000 أنا ابنه وقد خلفته في العمل
الثاني : نهاية وخيمة
الأول : الطريق طويلة
الثاني : طويلة جداً
هل سبق لك أن سافرت على هذا الطريق
الثاني : أوه كثيراًجداً000 أتعرف ؟
الأول : ماذا ؟
الثاني : الإنسان مهما علا لن يبلغ السماء ومهما اتسع لن يغطي الأرض عرضا
الأول : العالم سجن مؤبد ً
(الثاني يركض صارخاً)
الثاني : أنا جلجامش 000 أفزعني الموت حتى همت على وجهي في البراري
أيكون في وسعي أن أرى الموت
الأول : جلجامش الموت حق يا جلجامش
الثاني : ولكن الحياة حق أيضاً يا أنكيدو
الأول : إذا لم نقبل الموت فلن نستطيع أن نقبل الحياة... إن الإنسان ياصديقي مفضل
على الآلهة لأنه يموت لأن عليه أن يفعل الكثير قبل أن يمضي... عليه أن يتعلم
كيف يعيش وعليه أيضاً أن يتعلم كيف يموت
(يعودان إلى شخصيتها )
الأول : السلام علي يوم جاءت بي أمي إلى الدنيا و يوم أسلمت روحي و يوم تعود إلي
الثاني : الفناء غاية الحياة
الأول : كآبتي مرة
الثاني : و هل هناك كآبة حلوة
الأول : اسمع إذا أتى الموت فانا لست موجوداً
( الثاني يضحك )
...........هل تضحك ؟؟
الثاني : أضحك ؟؟ و هل هناك ميت يضحك ؟؟ ( يضحكان )
الأول : صحيح .. كيف ... نسيت ... نحن ميتان
(( يظهر حارس المقبرة يوقف الساعة على الجدار ثم يلتفت اتجاههما في الوقت نفسه يهبط من أعلى الخشبة أطار لقبرين يحيط بهما ))
حارس المقبرة : هيه .. أيها الميتان اخفضا صوتيكما قليلاً ثمة أموات يريدون النوم
الاثنان : حاضر ... حاضر .. أيها الحارس
سنخفض أصواتنا
( الأول ينظر إلى الثاني )
الأول : ( يهمس ) الطريق طويلة
الثاني : ( يهمس ) طويلة جداً
(( الاثنان ينظران إلى الجمهورعويل القطار يرتفع ))
/ إطفاء/
esmaalkhalaf@hotmail.com

0 التعليقات:

إرسال تعليق